زوم الصحراء (25).. هل تقصم "سيني" ظهر التشاور؟ )(نقلا عن موقع الصحراء)

لم تعد وتيرة التشاور للتحضير التشاركي للانتخابات تسير بنفس السرعة التي كانت تتحرك بها خلال الأسابيع الماضية، وهاهو تاريخ الواحد والثلاثين اكتوبر الذي حدده اتفاق الفرقاء المشاركين في الحوار الذي أشرفت عليه وزارة الداخلية يقترب دون أن تلوح في الأفق بوادر دخان أبيض يعلن عن نهاية  نقاط الاختلاف التي عرقلت مسير التشاور. 

في زوم هذا الأسبوع نحاول الاقتراب من مسار التشاور ومواقف أطرافه وكواليس مفاوضاته نبحث عن جواب لسؤال هل "تكسر سيني ظهر " التشاور.؟ 

تذكير لازم
قد يكون من الضروري قبل الحديث عن حيثيات الأزمة الحالية واستشراف مآلاتها التذكير بخلفيات أساسية معينة على أهمية مسار التشاور ومحورية تشكيل لجنة الانتخابات ضمنه. 

-انطلق مسار التحضير التشاركي للانتخابات قبل أشهر بعيد تعثر مسار "التشاور الوطني الشامل الذي جرى التحضير له على مدى أكثر من سنة وحصل الإتفاق على أن يكون حوارا شاملا لا يستثني موضوعا ولا يقصي طرفا. 

وقد كان توقيف التشاور الوطني الشامل بعد أن واجه أزمة متعددة الجوانب حيث:
- غابت عنه أطراف معارضة من أبرزها حزب التحالف الشعبي التقدمي بقيادة مسعود ولد بلخير.

- تحفظت على منهجية سيره أحزاب معارضة أخرى من أبرزها حزب تواصل بقيادة محمد محمود ولد سييدي، وحزب الصواب بقيادة عبد السلام ولد حرمة.

- واجه مشكلات في تحديد طبيعة المسموح بنقاشه والمحظور في ملف الإرث الإنساني.
وجاء انطلاق التشاور الخاص بالانتخابات بجهة إشراف مختلفة (وزارة الداخلية، بقيادة الوزير ومدير الديوان السابق محمد أحمد ولد الأمين) ليمثل بديلا ولو لم يتم الإعلان الرسمي لذلك عن التشاور الشامل المتعثر. 

 

اختراقات سريعة 
وعلى خلاف التشاور الشامل نجح التشاور الذي أطلقته الداخلية وأشرفت عليه في تحقيق اختراقات سريعة برغم غياب ومقاطعة أطراف عديدة (بعضها غاب لأنه لا يمتلك أحزابا معترفا بها وقد اعتبر الأمر تغييبا، وبعضها غاب مغاضبا على تعثر الحوار الأول) وهكذا انطلق التشاور وانتهى خلال أسابيع لاتفاق سياسي حدد تاريخ الانتخابات ومسار تحضيرها وأدخل تعديلات على النظام الانتخابي وخصوصا ما يتعلق بالنسبية وتمثيل الشباب والجاليات الموريتانية بالخارج. 

.. هل توقفت العجلة؟
وفي الوقت الذي كان من المفروض أن تنطلق عجلة التحضير للانتخابات التي اتفق الفرقاء على تعجيلها لتكون قبيل الصيف وبالتبعية قبل الخريف، بدا كما لو أن العجلة قد توقفت أمام معضلة طبيعة اللجنة من حيث تمثيلها للأحزاب وتحقيقها لمقتضيات الاستقلالية. 

تقول مصادر متطابقة قريبة من كواليس الجلسات التي تغلب عليها السخونة تماما مثل مناخ نواكشوط خلال الأسابيع الأخيرة أن خلافا حادا وعابرا للتخندقات السياسية قد ظهر بين قطبين: 

☑️ يقول أولهما بضرورة أن تكون اللجنة ممثلة للأحزاب السياسية في الأغلبية والمعارضة.
☑️ بينما يقول الرأي الثاني إنها يجب أن تتشكل من شخصيات سياسية غير منتمية. 

وفي ظل تحفظ السلطة وجهاتها العليا حتى الآن على الإعلان عن موقف فشل الطرفان في الوصول لاختيارات محددة، وإن كانت مصادر متطابقة في الأغلبية رجحت للصحراء أن الأحزاب المنضوية ضمن تحالف الأغلبية اتفقت على تحكيم الرئيس وسلمته بواسطة رئيس حزب الإنصاف قوائم من عشرات الأشخاص ليختار منهم من يراه الأنسب للمهمة. 

وإذا كانت "آلية تحكيم الرئيس" قادرة على تجاوز عقبات الصف الموالي فليس هناك من "آلية شبيهة " قادرة على حل مشكلة تباين وجهات نظر المعارضة.

ما وراء " سيني "؟؟
ومع أن مشكل لجنة الانتخابات من حيث طبيعتها وتشكيلتها يمثل السبب "الظاهر" للأزمة لكن متابعين لايستبعدون وجود أسباب مضمرة، تتداول صالونات الشأن السياسي بانواكشوط اثنين رئيسيين منها: 

☑️ تأثير المنتخبين الحاليين في القرار السياسي لأغلب الأحزاب المشاركة في التشاور بما فيها الأحزاب الداعمة للسلطة.
☑️ تأثير الأطراف التي كانت منخرطة في التشاور الشامل سواء من موقع الاشراف عليه أو من مواقع المشاركة والرهان على المخرجات. 

وبعد..؟!
برغم قوة المؤشرات على إمكانية العدول عن مسار تعجيل الانتخابات خلال الأيام الأخيرة؛ لكن حجم الآثار الذي قد يتركه قرار من ذلك القبيل قد يجعل قرار اتخاذه ليس بتلك البداهة. 

✔️ فتعثر تشاور الداخلية الآن بعد تعثر سابق قد يعرض علاقات الأطراف لهزة في الثقة تفقدها ما يعتبر عديدون أنه من أهم ما طبع المرحلة.
✔️ والتراجع عن تواريخ تم تحديدها في الاتفاق (تصريحا، أو تضمينا) قد يسبب مصاعب في خضوع الأطراف مستقبلا لمقتضيات اتفاق من المفروض أن يحكم العملية السياسية وبالذات الانتخابية ليس في الانتخابات القريبة الحالة بل وفي الانتخابات الرئاسية المقررة خريف العام 2024. 

وإلى أن تتبين الخطوط، ويتضح اختيار صناع القرار، يمكن القول إن "مقام سيني الآن" هو الذي سيحدد مستقبل إيقاع العزف في مجمل الأداء السياسي  في بقية العهدة الرئاسية الأولى للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.