حراك "حماس" أم حراك الإقليم الاستراتيجي

حازم عياد

بقلم : حازم عياد : لم يكد ينقضي الأسبوع الأول على توقيع نص وثيقة المصالحة الفلسطينية في العاصمة الجزائر (لـلم الشمل والوحدة الوطنية ) لتبدأ الفصائل الفلسطينية بالتحرك نحو العاصمة السورية دمشق.

ففي العاصمة دمشق التقى وفد حركة "حماس" وعلى رأسه عضو المكتب السياسي ورئيس مكتب العلاقات الخارجية مع العالم العربي والإسلامي خليل الحية؛ بالرئيس السوري بشار الأسد؛ ضمن وفد فلسطيني كبير وقف على رأسه الامين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة وبحضور السفير الفلسطيني في دمشق سمير الرفاعي.

حراك "حماس" الخارجي للعام 2022 كان مميزا؛ إذ شمل موسكو والجزائر ولم تغب الدوحة وأنقرة  وطهران؛ بل والعاصمة الأردنية عمّان التي لم تغب حركة "حماس" عن رادارها السياسي حيث استضافت عمّان رئيس مكتب الحركة في الخارج خالد مشعل في زيارة اجتماعية لم تخلُ من ارتفاع معتدل في حراراتها الاجتماعة مقتربة من صالونات عمّان السياسية.

زيارة مشعل الأخيرة إلى عمّان تجاوزت حالة البرودة والانجماد السياسي لما دون الصفر المطلق؛  لتشهد الزيارة سيولة وحركة تعكس تحسنا طفيفا سرعان ما عبر عنه مجددا باستقبال ممثل حركة "حماس" الثمانيني محمد الخضري الذي وصل الى العاصمة عمّان يوم أمس الاربعاء 19 تشرين أول (أكتوبر) الحالي بعد الإفراج عنه من قبل السلطات السعودية؛ وهي قصة أخرى تشير إلى إمكانية متجددة لكسر الجمود في العلاقة مع المملكة العربية السعودية.

لا يمكن فصل لقاء وفد حركة "حماس" والفصائل الفلسطينية بالرئيس السوري بشار الأسد عن حركة الإقليم ومصالحاته وحواراته؛ فـ "حماس" فاعل سياسي لا يملك ترف التأخر عن حركة الإقليم السياسية والتي امتدت من موسكو إلى الجزائر.

الانفتاح على دمشق جاء ضمن سياق عربي وإقليمي ينزع نحو خفض التصعيد والمصالحات التي انطلقت في قمة العلا في السعودية كانون ثاني (يناير) 2021 جامعة دول الخليج العربي ومن ضمنها قطر؛ لتتطور إلى مصالحات إقليمية شملت أبو ظبي والرياض من جهة وأنقرة من جهة أخرى؛ كما شهدت جولات خمس للحوار بين الرياض وطهران استضافتها العاصمة العراقية بغداد؛ والأهم مصالحات مصر وتركيا وقطر التي كسرت الجمود السياسي في الإقليم بأكمله؛ ولم تخلُ المصالحات عن لقاءات وزيارات عربية لدمشق شملت الإمارات العربية وسلطنة عمان والتحقت بها عمّان عبر شراكات اقتصادية وتجارية مع دمشق.

حراك "حماس" السياسي أثار الكثير من الجدل في المنطقة العربية عاكسا بذلك حجم الحركة وثقل تأثيرها في الصراع العربي الإسرائيلي ومساره العام؛ الذي بات يتخذ منحى تصعيديا سيكون للحركة فيه دور مهم من الناحية الأمنية والسياسية مستقبلا.

ختاما .. الحراك السياسي عالميا وإقليميا وفلسطينيا ديناميكي ومتسارع إلى حد يضع الجدل السياسي حول المصالحات والانفتاح وتطبيع العلاقات مع دمشق وراء ظهور الساسة والقوى الشعبية والرأي العام؛ فالعالم والمنطقة مقبلة على تحديات يصعب التوقف فيها عند حدود الجدل السياسي وخطاب الجدوى والنوايا نحو مواجهة التحديات واستثمار الفرص؛ إذ سرعان ما ستنتقل المنطقة والإقليم لمرحلة جديدة تتطلب قدرا أكبر من المرونة والانفتاح والاشتباك مع تحدياتها التي لن تنظر المترددين والمترقبين من بعيد في سكون بدون حراك يتناسب مع ديناميكية المشهد الدولي والإقليمي والفلسطيني؛ فالحراك العالمي الإقليمي بات حراكا وخيارا استراتيجيا في الآن ذاته لا يحتمل الانتظار والتأخر عن متطلبات بناء ومراكمة القوة السياسية.